الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .. أما بعد : فقد كان من معالم المنهاج النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام :
مبادرة الأوقات والمناسبات ، بما شرع الله تعالى فيها من فرائض الطاعات ، وجنسها من جليل القربات تحبباً إلى الله تعالى ، وتجملاً بين يديه ، ومسارعة إلى مغفرته وجنته ، وطلباً لرفعة الدرجة لديه ، وعمارة للوقت بما يحب وتكميلاً لما يجب، طلباً لعظيم الأجر ، وكريم المثوبة ، وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة ، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى فضلاً عن أن تستقصى :
• فلقد كان صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه وأوصى غيره بقوله : (( لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله )) وقال : (( سـبق المفردون ، فقيل ومن المفردون يا رسول الله ؟ فقال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات )) إحالة على قوله تعالى : {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} وقال صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق – يعني الفضة – وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم – يعني نافلة الجهاد – وسئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل أهل كل عمل ؟ فقال أكثرهم لله تعالى ذكراً .
• وإنما كان ذكر الله تعالى بهذه المثابة لأنه أدل شيء على توحيد الله تعالى وخشيته وحبه والرغبة الصادقة في رضاه وحبه وفيه صلاح القلب وطمأنينة النفس وانبعاث الهمة والجوارح إلى طاعة الله تعالى وقوتها على ذلك وانكفافها عن معصيته ومخالفته رغبة إليه ورهبة منه .
• وكان صلى الله عليه وسلم إذا أذن للصلاة وثب وترك شغله الذي بين يديه واشتغل بأمر صلاته ويخبر أن أحب العمل إلى الله تعالى الصلاة لوقتها ويحظ على الصلاة مع الجماعة ويبين أنها أكمل للصلاة وأعظم للأجر وأرضى لله تعالى وارفع للدرجة عنده وأنها براءة من النفاق ومن النار ، ويتوعد المتخلفين عن الجماعة من غير عذر بتحريق بيوتهم عليهم ويصفهم بالنفاق ويحذرهم من سوء الخاتمة وبين أن ترك الصلاة محبط للعمل وأنه شرك وكفر وسبب للحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف ونحوهم من أساطين الكفر وأكابر الطغاة المتجبرين على الله تعالى والذين يعرضون على النار غدواً وعشياً – مدة البرزخ – ويوم القيامة يدخلون أشد العذاب والنصوص في هذا معلومة وشهرتها تغني عن ذكرها .